من أخبار “ذوي بدير” من مطير.

ذوي بدير , فخذ من ذوي سويعد من ذوي عون من مطير .شيخهم ابن حوكة ومن أشهرهم : سالم بن حوكة ومحمد بن حوكة. لهم مرابط خيل . وإبل ..
وفيهم من الفرسان الأشاوس, والرماة المعدودين، وبهم بيوت كرم وتواضع ووفاء.

كان لهم دورهم البارز مع قبيلتهم في نجد , وذات مرة هاجمهم ابن سعود لما يرى من قوتهم وما لديهم من إبل حيث لم تنقطع غارات ابن سعود على مطير في عالية نجد من أجل استكمال هدفه ببناء دولة يتربع على عرشها , من خلال إخضاع القبائل وكسب اعتراف الدول العظمى بسلطته على حساب الشريف وغيره من أقطاب السياسة في الجزيرة , فوقعت بينه وبينهم وقعة الصفوية في عام 1326هـ: وكان رئيسهم محمد بن حوكة وأخوه سالم في عيد رمضان وهم على الصفوية في عالية نجد وكان معهم شاعر من قبيلة عتيبة يتساجلون بالغناء فقال محاورا أحد شعراء ذوي بدير :

انت ويش انته عسى لك فالقرين منادي

جعل حجّاتك وليّ البيت يقبلهنّه

فأجابه العبدلي:

كان تنشدني عن أصلي عزوتي عبّادي

جعل عود مرّث لي عزوتي للجنة

هم بدن ثوبي وليّه غترة بغدادي

كل ما حلّ المصاول جيت لابس هنّه

ولم يشعروا وهم في هذه المحاورة إلا و قد وصلتهم سرايا جيش ابن سعود ورموهم ببنادقهم فانهزم العتيبي وقال: التـبس هنّه… ومن أشهر القتلى في جيش ابن سعود علي بن صنيتان أبو ثنين.

وفي ذلك يقول الشاعر حمد بن ناحي البديري قصيدة منها :

يا شوف عيني يوم جونا ضبابة

وخلاّ جنايزهم بروس العدامي

ليا ليّموهن ثم جونا انكبابة

يبون وضحٍ كنهن العظامي

قلنا الخلا يالربع ما هي نهابة

وشهي له البندق ونقل الحزامي

ومن موقفهم استماتتهم دون مواشيهم أثناء غارة عليهم . وبرز في تلك الحادثة دور , الحميدي البديري، وعتيق البديري، وكان عتيق مشهوراً بجودة الرمي عند قبيلته وعند كثير من أهل نجد.

أما عن كرم ذوي بدير : ركب عواد بن فلاح الذويبي من أمراء حرب من أهله قاصدا عبدالعزيز بن سعود في الرياض عام 1328هـ في زمن شيخهم محمد بن حوكة . فلما كان في الطريق وجد إبلا عازبة عن أهلها وهي لذوي بدير من بني عبدالله من مطير, وكان مع الذويبي خمسة من عشيرته فأوقف أهل الإبل وطلب حليباً منهم فأسقوهم جميعاً حتى اكتفوا , فمشى في طريقه فلما غاب عن الأنظار أغار نافل بن غميض شيخ البيضان من حرب على إبل ذوي بدير وأخذوها كلها.. فلحق صاحب الإبل بالذويبي وقال له : معزبتك التي شربت حليبها أخذوها حرب.. فرجع معه وثار على ابن عمه نافل , فقال نافل : بيني وبينك سلوم حرب, فقال له : والله لئن مشيت معك إلى سلوم حرب في معزبتي التي ينطف شاربي من حليبها والله إنى ما أسوى عند حرب هذه الرمادة الباردة, والله لتديها وأنا ما قمت من مجلسي هذا, فلما عرف الجد أداها واستلمها صاحبها كاملة..

ومن ذوي بدير الشاعر حمد بن ناحي شارك جماعته في كثير من الغزوات اشتهر بالشجاعة والكرم له قصائد كثيرة منها تلك التي تدل على نبله وكرمه وحسن أخلاقه وشمائله , يقول :

يا دخيل شبة نارهن عادةٍ لي

لا كنهبت شهب النجوم المراقيب

ناخذ لهم بالدين والله يحلي

يرزقهن اللي يرزق الطير والذيب

لا شفت طارفة الجماعة نهلي

ترحيبتي من خاطري مابها عيب

والجار يرغب عندنا ما يملي

امشي لجاري بالنبا الزين والطيب

ضميّتي تقهر وجار يعلي

ندرى شرف راس عن الهرج والعيب

انظر جميع ما سبق بمصادره , في كتاب تاريخ مطير. ص 217 و 827 و941.

الرد على السناح في مشاهده التي أخذها من بعض شيوخ مطير.

أولاً :الشهادات التي أخذها السناح من شيوخ بني عبدالله اقتصر فيها كل شيخ على تقسيم فخذه أو على أقسام بني عبدالله فقط دون القول بأنها فرع ثالث من مطير. فكل شيوخ بني عبدالله عندما سألهم لم يقل لهم: كم تنقسم مطير؟ لأنه يعرف أن التوجه في ذلك الوقت أن مطير قسمين ولو كانوا معه في نظرية التقسيم لسألهم هذا السؤال ولكنه يعلم أنهم لا يوافقونه القول فعمد إلى سؤالهم بهذه العبارة: كم أقسام بني عبدالله من مطير؟ . بل أكثرهم كان يسألهم عن أقسام الفخذ الخاص . فمثلا يقول كم أقسام العزايزة , كم أقسام ذوي عون كم أقسام الصعبة كم أقسام ميون وهكذا. (أصدق البراهين في معرفة حمران النواظر ,ص 128ـ 154).. ولم يوجه سؤالا لأي أحد منهم بعبارة : كم أقسام مطير ؟

علماً أنه قد قسّم القبيلة ورسم شجرتها قبل أن يقوم بأخذ أي شهادة من أي شيخ من مطير بل عندما فرغ من رسم الشجرة قام بجولات يريد الوصول إلى الهدف الذي رسمه وسعى بكل الوسائل التي لا أتفق معه فيها. ودليل ذلك أنه رسم الشجرة على غلاف كتابه الخلفي وحدد تاريخها بعام 1405هـ والشهادات التي حصل عليها أكثرها بعد هذا التاريخ بأشهر وأغلبها بسنوات كثيرة امتدت إلى عام 1410هـ. وهي مؤرخة في كتابه السابق وهو كتاب يخالف مسمّاه. ولم يحصل على شهادة قبل ذلك إلا شهادة واحدة في نفس التاريخ من عبدالرحمن نايف بن مزيد الدويش التي لم يوافقه في التقسيم بل قال: أصدق له بما ذكره من تقسيم علوى وبريه لمعرفتي ببطونها وأفخاذها في حين أنه لما أتاه شاهر الأصقه كتب عبدالرحمن له شهادة نصها: تنقسم مطير إلى قسمين كبيرين علوى وبريه.

أما قضية إجماع شيوخ وأبناء وباحثي مطير على تقسيمها إلى ثلاثة أقسام فلم يحصل إطلاقاً والقول به استخفاف بشيوخ وأبناء القبيلة لذلك أقول مفنداً : كثيرٌ من شيوخ مطير على مختلف أفخاذهم ومنهم الشيخ كميّخ المريخي, والشيخ هزاع بن مشاري ابن بصيّص, والشيخ عبدالرحمن بن نايف بن مزيد الدويش, والشيخ صاهود بن علوش بن لامي, والشيخ تريحيب بن قطيم, والشيخ ناصر بن شرار والشيخ تريحيب ابن زهيميل , وذلك بعد رسالة من شاهر الأصقه جاوبه كل واحد منهم برسالة خطية كلهم قالوا بصريح العبارة تنقسم مطير إلى قسمين علوى وبريه وجعلوا بني عبدالله قسماً من بريه. (رسائل من صخر من ص58 ,81 ,89 ,98 ,104 ,111 ,118).
والشهادات التي حصل عليها السناح من شيوخ علوى وشيوخ واصل والصعران وبني عبدالله فهي بخط واحد.

ومنهم ماجد بن عبدالعزيز بن فيصل. وفيصل بن بندر الدويش.أما عبدالرحمن بن نايف الدويش فقد سبقت الإشارة بما صادق عليه.
أما في شهادات شيوخ واصل والصعران فكان سؤاله لهم كم تنقسم بريه, لعلمه السابق أنهم لايقولون بالتقسيم الثلاثي فكان صياغة سؤاله كم تنقسم بريه فأجابوه وكان مفهومهم على أنها بريه أهل الحفر وما حوله ومنهم مشلح بن صنيتان. ومتعب القريفة.وفلاح بن سعران ابن دمخ.وهزاع أبوهليبة. وابن بلادان.
أما قاسي بن مليح الحميداني فكان جوابه للسناح على تقسيم الآد علي فقط.. أما حمود المطرقة فكان جوابه على تقسيم الدياحين فقط.

أما كميّخ بن حنيظل المريخي الذي سبق أن قال في شهادته للأصقه بصريح العبارة تنقسم مطير إلى قسمين علوى وبريه وجعل بني عبدالله من بريه ومثله الشيخ هزاع بن مشاري ابن بصيّص الذي سبق أن قال للأصقه بصريح العبارة تنقسم مطير إلى قسمين علوى وبريه وجعل بنو عبدالله من بريه. وكان سؤال الأصقه لهما كم تنقسم مطير. في حين أن السناح كان سؤاله لهما كم تنقسم بريه؟ وهم على نيتهم بريه أهل الحفر وما حوله فكان جوابهم على ذلك. فلم يلجأ إلى نفس سؤال الأصقه لأنه يعلم أنه لايخدمه.

في حين أن السناح لما سأل صاهود بن علوش بن لامي قال له: كم تنقسم علوى؟ فأجابه على سؤاله ولم يسأله كم تنقسم مطير لأن صاهوداً سبق أن سأله الأصقه عن أقسام مطير وأفاده أنها قسمين, والسناح يعلم بذلك فلم يلجأ نفس سؤال الأصقه لأنه يعلم أنه لايخدمه أيضاً. أما سؤاله لحمود الزير الوسمي رئيس قرية صفينة فلم يكن عن أقسام مطير بل كان عن الأسر المتحضرة في صفينة والسويرقية من الوساما والعوارض فقط. أما هايف الفغم ونواف بن تريحيب ابن شقير, وعبدالله بن سلطان الدويش,وحاكم الجبعاء فكان جوابهم على تقسيم علوى فقط.
فكيف يدّعي السناح أن شيوخ مطير أجمعوا على تقسيم القبيلة إلى ثلاثة أقسام؟؟!!. لم يحصل هذا أبدا.
وقد قال الشيخ فيصل بن محمد بن سلطان بن سقيان . في كتابي ” سيرة الشيخ محمد بن سحلي بن سقيان” ط1 , 1431هـ ص 9 . قال إن مطير قسمين فقط . هما علوى وبريه. وأن بنو عبدالله تعتبر من بطون بريه.

ثم إن تقسيم القبيلة ليس حكراً على الشيوخ فقط بل هو حق لكل الرواة والباحثين الثقاة المختصين

وللمزيد انظر هذا الرابط
http://www.al-soman.com/vb/showthread.php?t=48615

دور القبيلة و ما يجب لها و عليها.

مقالي اليوم بحث مختصر جداً عن دور القبيلة الإيجابي ومكانتها التي يجب أن تحافظ عليها وتطورها وتحرص على استخدام الوسائل الحديثة التي ترقى بها بين المجتمعات.
بعيدا عن العنصرية القبلية واحتقارها واستخدام اسمها ومكوناتها في ملتقيات فارغة أو مزيانات إبل عقيمة لا تخدمها اجتماعيا وجغرافيا وتاريخيا , علاوة على ما يحدث فيها من خلافات ونزاعات لا تنتهي . وإسراف وبذخ محرم. وحيث قد سبق لي مقال عن ذلك تحت عنوان ” ملتقيات القبيلة وشيخها. على هذا الرابط.
http://www.alaan.cc/pagedetails.asp?cid=52&nid=124221

كان العرب في الجاهلية يتكوّنون من قبائل كبيرة وصغيرة, وكانت هناك تحالفات وحروب بين هذه القبائل, حيث كانت القبيلة على الأغلب تحارب وتسالم وتهاجر بشكل جماعي, وشكّلت القبيلة الوحدة الأساسية في المجتمعات العربية في الجاهلية والإسلام, فكانت العصبية القبلية هي العنصر الأساس في اجتماع وتكاتف القبيلة فيما بينها, كما كان الانتماء إلى القبيلة عنصراً من عناصر الحماية الفردية. فالفرد في القبيلة يذود عنها والقبيلة بدورها تدافع عنه, حيث قوة الفرد من قوة القبيلة

وعندما جاء الإسلام بقيت التشكيلات القبلية ذاتها, ولم تتغير كثيراً بل إن القبائل حاربت لنصرة الإسلام ضمن الجيوش الإسلامية كوحدات قبلية. فقد عمل القادة المسلمون الأوائل للحافظ على التشكيل القبلي كي يكون عنصر تضامن وتمازج يشد بعضه بعضاً ضمن الوحدة القبلية في مواجهة العدو المشترك, ومن أجل أن يمنع الحزازات القديمة من الظهور, فإن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أدرك بثاقب بصره إن هذا النظام يكون أكثر صلاحاً إذ جمع بين القبائل المشتركة في النسب أو المترابطة بروابط القربى.

يقول سهيل زكار: استفاد النبي صلى الله عليه وسلم في مكة من العصبية القبلية, حين تمتع بحماية عمه وعشيرته له, واستمر الحال بعد وفاة الرسول حيث دوّن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الدواوين على أساس قبلي, حيث بدأ بآل البيت ثم الأقرب لهم من بني عبد مناف ثم الأقرب لهم في قصي ثم الأقرب لهم في (فهر) ثم أقرب قبائل مضر لقبيلة قريش ثم بقية القبائل العدنانية ثم القبائل القحطانية. ثم تبعه عثمان وعلي.

وعلى الرغم من قيام الفتوحات الكبرى, وانتشار القبائل العربية في الأقاليم ظل النظام القبلي معتمداً, وبدلاً من ذوبان القبائل في نظام مجتمعات البلدان المفتوحة, حدث ما هو العكس, حيث تبنّت الشعوب المفتوحة النظام القبلي عن طريق الولاء. لقد هاجرت قبائل عربية بكاملها من الجزيرة إلى العراق مثل بجيلة, وإلى بلاد فارس وما وراء النهر وإلى أفريقيا وقد استقرت هناك وحافظت على وحدتها القبلية وأصولها وجذورها.

وقد نجح البدو في عصر انهيار سلطة الخلافة العباسية , وقبل وقوع الغزو السلجوقي التركي, في إقامة دولة خاصة في سوريا وبلاد ما بين النهرين, بقيت سلالاتها الحاكمة في السلطة طوال عقود كثيرة, امتدت أحيانا إلى أكثر من قرن كامل , مثلما حصل في حلب والموصل والحلة. ومن أشهر ملوك البدو آل مراء من ربيعة طيء ملوك برية الحجاز ونجد والشام والعراق . وكذا آل حميد ملوك الإحساء .
وفي تكوين الدول العربية في العصر الحديث, لعبت القبائل والعشائر دوراً أساسياً في تبلور شكل هذه الدول, فهناك قبائل أُدمجت في الدول الحديثة الناشئة مثل سورية والعراق وفلسطين, وأصبحت جزءاً من المجتمع المستقر الحضري حيث إن المكونات الحضرية قوية بحكم وجود الأرض الزراعية وقوة التكوين المدني ووجود سلطة الدولة. وهناك قبائل سيطرت على قبائل أخرى لتؤسس دولة قبليّة كبيرة كالمملكة العربية السعودية, وهناك قبائل تحولت إلى دويلات أو إمارات كالكويت, وقطر, والبحرين, والإمارات. يقول عالم الاجتماع الكبير الدكتور علي الوردي: إن المجتمع العربي هو أكبر معين للبداوة في العالم. إن التناقض بين الحضارة والبداوة كبير فإما أن نكون متحضرين أو نعود إلى الصحراء, فلا انتقاء ولا توافق ولا انسجام بين قيم البداوة والحضارة ( 1).

أقول : وفي مرحلة تأسيس المملكة العربية السعودية , لعبت القبيلة الدور الأكبر في هذا المجال , قبل نشأة حركة الإخوان حيث شاركت في معارك عديدة منها معركة الشنانة والبكيرية 1322هـ , وروضة مهنا 1324هـ, ووقعة أبو دخن 1330هـ ووقعة جراب وكنزان 1333هـ وغيرها من الوقائع , وفي تلك الحقبة عاش معها عبدالعزيز وتنقل بين مرابعها في غالب سنينه .
ولما بدأت حركة الإخوان كان قوامها وعتادها هم قبائل البدو , الذي سكنوا المستوطنات الحديثة , وبدأوا في شن الهجوم على من يخالفهم تارة بأمر عبدالعزيز بن سعود وتارة بغير أمره . وقد كان لكل بطن منهم مستوطنة خاصة به , لها أمير مدعوم من ابن سعود . وقد تعددت المستوطنات وكان ابن سعود في حاجة ماسة لها , لقد آمن بدورها , وجنى ثمار كفاحها , وقد عاشوا في وئام مع من كان معهم من الحاضرة , حيث كانت بعض المستوطنات هي في الأصل لعوائل من حاضرة نجد. مثل (الأثلة , ضرية) وغيرها.

لم تُقصَ القبيلة فيما مضى من تاريخها ولم تهمش ولم تمس كرامتها ولا نقصت مكانتها . فهي داعم كبير . قامت بدورها المنوط بها دون تقصير أو كلل . ولم نسمع أحدا قال إن بناء مستوطنة أيام حركة الإخوان لكل بطن يعد عنصرية وعصبية جاهلية بل كانت هذه الفكرة تحظى بالدعم والتشجيع, وتنعت بأجمل النعوت , وأجزل العبارات .

فما بال بعض الأقلام اليوم تحاول النيل والمس من كرامة القبيلة خلال عبارات همز ولمز , وتقليل ومحاولة إقصاء وتهميش . حتى أن من يختم نسبه باسم قبيلة ما , يكاد لا يأخذ نصيبه الذي هو حق مشروع له. إلا بشق الأنفس , وكأنه عنصر غريب دخيل لا قيمة له. إنها الطبقية المقيتة والفئوية البغيضة التي أتى الإسلام لمحاربتها , بل لقد استفحل الأمر حتى أن هذا التصرف جعل بعض صغار العقول من أبناء القبيلة يلغي اسم القبيلة من هويته, لقد نجح هذا الفكر في أن يجعل ابن القبيلة يجلد ذاته , ويلقي باللوم على قبيلته ويقلب لها ظهر المجن ويتنكر لها . نتيجة حرب شعواء غزت عقولهم حتى فككت اللحمة. وقد يتعذر بعضهم أن هذا العمل إنما هو حيلة منه لمحاولة الاندماج في أوساط المجتمع حتى يصل إلى حقه الذي صعب عليه حينما كان اسمه ينتهي بذكر قبيلته . لقد فقدت القبيلة كثيرا مما كانت تتميز به , في ظل فئوية سيطرت على غالب مفاصل موارد الحياة. وثبت بطلان قول من يزعم أن القبيلة مصدر العنصرية .

( 1) «البدو», ماكس أوبنهايم, تحقيق: ماجد شبّر, ج1, ص ص8 ـ 10. و79.و « فتح الباري», ج6, ص160.

وقعة ثرب على الدياحين و الصعبة عام 1312هـ:

نزل صالح بن جملا المطرقّة بمن معه من الدياحين وهاجد بن ضمنة وعلي ابن درويش بمن معهم من الصعبة على ماء ثرب, وكان خالد باشا محافظ المدينة قد أرسل عليهم عمالاً فزكاهم . إلا أن قبيلة حرب قامت بتحريض ابن رشيد ضدهم لغاراتٍ سابقة بينهم , ومنها أن الشطر أخذوا قافلة لابن رشيد بحماية حرب كانت قادمة من المدينة باتجاه حائل. علاوة على رغبة ابن رشيد في كسر شوكة القبائل والاستفادة مما يغنمه منها. وكرروا عليه طلبهم على ابن رشيد إلا أنه اعتذر بأن محافظة المدينة منعته من ذلك حيث قال : (قارعتني عنهم الدولة(1) ).

تكررت الأخبار عند مطير بذلك فأخذوا يتوافدون على ماء ثرب آمنين بعد هذه المقولة. ولما أيقن أنهم تكاملوا على مائهم سار عليهم من حائل واستدعى حلفاءه من حرب وشمر ومن تبعهم من غيرهم ثم هاجمهم واجتاح أغنامهم وبيوتهم وحللهم وغنم منهم قرابة 300 ذلول, ثم رجع إلى حائل وأرسل لخالد باشا هدية جسيمة , ثم اجتمع رؤساؤهم بعد الوقعة وركبوا لخالد باشا بالمدينة نظراً لحجم تلك الخسائر , واشتكوا له من تسلط ابن رشيد وطلبوا منه استرداد الأموال والمواشي, أو تعويضهم, نظرا لأنه قد أخذ زكاتهم, لكنه رفض بحجة أنهم ليسوا في حدوده ولوكانوا في الحناكية وماحولها على حد قوله لقام بمناصرتهم ضده. فيأسوا منه ورجعوا إلى عربانهم يسترفدونهم , وكانت مطالبهم قد لقيت تأييدا من الملازم عبدالله آغا محافظ قلعة الحناكية.

ونظراً لقوة ابن رشيد المتزايدة فقد رأت محافظة المدينة المنورة حل الموضوع سلمياً, فقامت بإرسال يوسف صاجلي أفندي محتسب المدينة المنورة محملاً بخطاب من محافظ المدينة المنورة إلى ابن رشيد, لمطالبته بالكف عن غاراته على قبيلة مطير, وبتعويضها عن خسائرها الناتجة من غاراته المتتالية, لكن ابن رشيد رفض ما جاء في خطاب المحافظ, لذلك قام مجلس إدارة محافظة المدينة برفع محضر إلى ولاية الحجاز مطالباً بسرعة القيام بحملة عسكرية ضد ابن رشيد, تتكون من ثلاث كتائب ومعها ثلاث مدافع. ولخطورة ما جاء في هذا المحضر فقد سارعت ولاية الحجاز برفعه إلى الصدر الأعظم الذي طلب من السلطان عبدالحميد الثاني الإذن بإعداد حملة ضد ابن رشيد, لكن نظراً للعلاقة الخاصة التي كوّنها ابن رشيد مع السلطان عبدالحميد الثاني, فقد وجه السلطان بإرسال خطاب إلى ابن رشيد يتم فيه إسداء النصائح إليه في الكف عن مثل هذه الأعمال مستقبلاً. لذا قام رئيس كتاب السلطان بكتابة خطاب لابن رشيد مذكراً إياه بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي تحرم دم المسلم, وبتوجيهات السلطان التي تقضي المحافظة على الأمن وعدم الاعتداء على الغير (2) .

وحول هذه الوقعة قال عبدالله بن سبيّل مادحاً الأمير محمد بن رشيد:

ومثل رثعته بمطير ماهي خفية

نهارٍ تشيب اطفال سمر الجدايل

على ثرب يوم الله نوى بذهابهم

تمارح العزبات بين النزايل

وقال حسن التبيناوي يعدد غزوات ابن رشيد على مطير المذكورين ويصف رحلة جيش ابن رشيد , وما حصل في وقعة ثرب قصيدة نختار منها(3):

من عقب الاربع للعمق صبّحنّا

لاجاه من غر السحايب مخيلة

لشرار(4) واللي بالملاوي ضفنّا

وجبنا دياحينٍ براس الطويلة

واللي سلم من مالهم ما مكنّا

يلزم على طول المدى نعتبي له

وعلى الفجوج مقلّطين ضعنّا

نبغى جماعة هاجدٍ (5) نستزيله

ويومٍ جرى جايه على ما تمنّا

مهارٍ تنازى مثل فرق الجميلة

وجبنا حلايبهم لفن يطردنّا

سودٍ تناحا مثل زمّة نخيله

وشبع بها الحربي ومن ذل منّا

وشبع به اللي بالقرايا يجي له

وقال علي بن عزام الحربي قصيدة منها (6):

طلع بكشب وطفّح السبر لمطير

وجاه البشير اللي تمنّى قطيني

وخبط بثرب وصار فوقه دواوير

أسبابها على مطير الرزيني(7)

عيّنت ابن درويش سطر بتدبير

ما هو لحاله ثالث للثنيني(8)

وردوا عليهم تقل ورد على بير

وغدوا قسامٍ في يد الطامعيني

هذا جزا ترديدكم للمثاوير

عميلكم ما يندفع باليديني

مايدّي العاني كثير المعاذير

أكود من يروي حدود السنيني

(( وبعد كل ما تقدم فإن الخروج بأقل خسارة ممكنة هو نصر أمام هذه الجيوش التي كانت مباغتةً لهم, جيوش تدعمها الدولة العثمانية وتلتف حولها القبائل لطلب الكسب والاسترزاق.
مع أن هناك جوانب أخرى من انتصار مطير في المعركة, حيث طال وقت المعركة التي تكررت صولات فرسانها وجولاتهم , وكان من ضمن فرسان المهالكة : فواز بن زايرالسماري , وعالي بن ضمنة , وفتنان العصّامي , وعايض ابن عليثة السماري, حيث تصدوا لبعض فرسان جيش ابن رشيد المحيطين به ، وعند مضايقة الحماية سلك طريقاً غير الذي كان يريده، فقابله الفارس فتنان بن سالم العصّامي المهلكي، وزرقه بالرمح فاختل توازن ابن رشيد وسقط عن الفرس وأمسك بها عبده، إلا أن فتنان أجهز على العبد وأخذ الفرس وبقيت عنده لمدة عامين ثم أُديت وسبب ذلك أن أحد المهالكة قدم إلى حائل فقبض عليه وتم سجنه فأشار الشيخ هاجد بن ضمنة على فتنان أن يؤدّي الفرس كي يتم إطلاق ابن عمه فوافق فتنان إلا أنّ والده رفض ذلك حتى أن شباها من حصان له، وولدت، فقام فتنان وأخذ الفرس وذهب بها إلى ابن رشيد

وبعد أن سقط ابن رشيد عن فرسه , ركب فرسا غيرها , واستمر في قيادة المعركة فقابله بعض فرسان الشطر الذين استماتوا في الدفاع عن إبلهم , ومنهم الفارس: حصيّن أبو خشيم حيث تقابل مع ابن رشيد فتبادلا السهام فضرب فرس ابن رشيد بشلفاه وأصابها إصابة بليغة. وقتل ثلاثة من شمر دون إبله.

وفي ذلك يقول شاعر من الصعبة قيل إنه ناهس الجش وقيل غيره يمدح حصيّن أبو خشيم:

أبو كناخر حامي الفطّر الشيب

فادي نياقه بالعيال السكارى

يومٍ ابن درويش عنّز على الذيب(9)

على شباب عكيف هكا النهارى

وقال كناخر بن حصيّن أبو خشيم أحدية منها:

ياما طرحنا للطيور من اللحم

و ياما فرقنا جادلٍ عن خلها

كما أن عايض بن عامر بن عليثة السماري المهلكي أخذت إبله «الشعثاء», في كون ثرب فقام بمقارعة فرسان شمر دون البيوت حيث صدهم وقتل سبعة من الربعان من شمر, وقلع أفراسهم التي باعها فيما بعد بثمانين من الإبل, وبعد الكون أتى إلى ابن رشيد فأجلسه بجانبه تقديراً لدوره السابق)).

ومن الدياحين برز دور عدد من فرسانهم ومنهم الفارس : مقحم بن خضران المطرقة (10).

المراجع

( 1) «حكم محمد ابن رشيد, ص 110.
(2) «النجم اللامع», محمد العبيد, ج1, ص ص 130ـ131. وأرخها عام 1313هـ. و«حكم محمد ابن رشيد», , ص 110ـ 111. و«تاريخ الدياحين» حمدان بن مجلي المطيري , ص 257.
(3) «مخطوطة الصويّغ», ورقة 319.
(4) هضب الشرار جبل أحمر طويل في عاليةنجد.
(5) هاجد بن ضمنة.
(6) «مخطوطة الصويّغ» ورقة 339.
(7) الرزِيني: من فخذ الرزنان من الشطّر من الصعبة. ومنهم: زرّاق وابنه مسيف, وسعيّد الجزّار.
(8) المطرقة وابن ضمنة وابن درويش.
(9) الذيب جبل قريب من ثرب يطل عليه من الجنوب
(10) «تاريخ الدياحين» , ص 257

ما قيل عن دهام بن دواس أمير الرياض

دهام بن دواس بن عبدالله بن شعلان بن مجلّي بن مُفرّج بن جلاّل بن حضّان بن سليمان . ويعرفون بالجلاليل نسبة لجدهم جلاّل , من العفسة من مطير. ثم تأمّر دهام بن دواس في الرياض عام 1151حتى 1187هـ

مما قيل في دهام :

قال الذكير : كان من الأمراء الممتازين همة وإقداماً, قوي الشكيمة, صعب المراس, صادقاً في عداوته, مراوغاً في صداقته, لا يمنحها إلاّ لحاجة في نفسه, ولا يثبت عليها إلاّ ريثما تمكنه الفرصة, وكان في أحكامه مثله في أخلاقه ومقاومته الشديدة التي دامت سبعة وعشرين سنة لم تكن موجهة ضد الدين وإنما كانت دفاعاً عن مركزه , لأن إذعانه للشيخ معناه الدخول تحت أمر محمد بن سعود, ورجل مثل دهام في قوّته وعلو همته لا يمكن إخضاعه بسهولة ودليلنا على أن مقاومته لم تكن ضد الدين, إن الشيخ محمد أقام نحو ست سنين في حريملا وفي العيينة وهو يثبت دعوته ويكاتب علماء البلدان ويكاتبونه ويجادلهم ويجادلونه ولم يأبه له أحد من الأمراء ولا غيّرت شيئاً من علاقاتهم بعضهم مع بعض, لأن المسألة دينية وبين علماء الدين, فلا شأن للأمراء في ذلك, ولم يتدخلوا بينهم.

ولما اتصل محمد بن عبدالوهاب بمحمد بن سعود تغيرت نظرية الأمراء وخافوا شره على أنفسهم من وراء هذه المحالفة الدينية السياسية, وخصوصاً الأمراء الذين لهم فضل قوة, فهبّوا لمقاومتها وعلى رأسهم دهام
وقال فيلبي : لكننا لا نملك إلا القول بأنه كان رجلاً بطلاً حارب بعزم في سبيل حرية العرب يقصد أهل الرياض

وقال وليم فيسي: أظهر دهام طوال حكمه هو وأتباعه مقاومة عنيدة للقوة المتنامية لجارته الدرعية. ورغم أن الرياض كانت تتساوى مع جاراتها من ناحية القوة الحربية ـ وهي لا تعدو كونها بلدة نجدية عادية ـ إلا أن أصبحت تحت حكم دهام مركزاً هاماً ومزدهرا اجتذبت التجارة من الأحساء , وجرّدت جارتها المنافسة منفوحة من الأهمية.

إن مقاومة دهام العنيدة لحركة الإصلاح وأبطالها من آل سعود في الدرعية اكسبته سمعة سيئة عند المؤرخين المحليين وأشهرهم حسين بن غنام وعثمان بن بشر. من المؤكد أن دهاماً قام بأعمال شائنة لكنها لم تكن تثير استياءً شديداً بمقاييس عصره . وإذا لم يكن أفضل من الكثيرين فهو بالتأكيد ليس بأسوأ منهم , ومن ثم فهو مثل كل الحكام كان يواجه معارضة في داخل منطقة حكمه , وكانت شخصيته من القوة بحيث حافظ على مركزه . وأصبحت الرياض تحت قيادته مشهورة لأول مرة . وبعد خروجه منها في سنة 1187هـ 1773م وخضوعها للدرعية عادت للنسيان مرة أخرى إلى أن اختارها المحتلون المصريون في سنة 1236هـ/ 1820م مقراً للحامية العسكرية, ثم اختارها تركي بن عبدالله آل سعود في سنة 1240هـ /1824م عاصمة سعودية جديدة. ولعل الفضل يعود لدهام في جعل الرياض مدينة مسورة لأول مرة وضمت أسوارها بعض البلدات المتفرقة ويذكر أنه أول من بنى القصر كمقر للحكومة..

وقال اليكسي فاسيلييف : وظل أمير الرياض دهام بن دواس المنافس الرئيسي للسعوديين. وكانت الغزوات من الدرعية والرياض على بعضهم بعضا تجري كل عام تقريبا. وقاتل مع دهام على التوالي سكان مناطق وواحات الوشم وسدير وثادق وحريملاء , إلا أن الوهابيين كانوا في الغالب , هم الجانب المهاجم

وقال أحمد الكاتب : لم تكن عداوة دهام بن دواس لابن سعود دينية بل كانت سياسية.حيث كانت كل بلدة في نجد ذات سيادة مستقلة عن الأخرى و لو كانت هنالك وحدة سياسية في نجد ، شاملة و واسعة، لما استطاع محمد بن عبد الوهاب أن يتنقل من إمارة إلى أخرى ، و ربما اضطر إلى اللجوء إلى العمل السري أو الهرب في الصحاري و الجبال،إلا أن تعدد الإمارات في نجد و اختلافها،وربما تنافسها ،دفع الشيخ إلى اعتماد سياسة التعاون والتحالف مع الأمراء

وقال ديفيد كمنز : وقد أثبتت الرياض أنها أمنع المدن القريبة على الغزو بالنسبة للسعوديين , إذ صمدت ربع قرن بقيادة زعيمها القوي , دهام ابن دواس.

قلت : نعم, يعَدّ دهام رجلا قياديا وشخصية فذة . لها تاريخها الخاص . حفر اسمه في تاريخ الجزيرة العربية ونجد خاصة. في عصر شهد نهضة دينية وسياسية , بين قوىً كثيرة . ورغم محاولة بعض المؤرخين تشويه حياته السياسية والدينية إلا أن المؤرخ مقبل الذكير , قد وفق في محاولة معرفة شخصيته وقد كان أفضل من كتب عنه في هذا الجانب , فيما أرى.

و نلحظ من خلال سيرة دهام تشبثه وحرصه الشديد على القيادة وحب الزعامة وعدم الخضوع أو الاستسلام إلا لأمر في نفسه ولخطة يرسمها في مستقبله الحالم الطموح المتفائل, وعدم تنازله لأحد على كافة الأصعدة. صراعات كان سببها الرئيس السياسة والأنفة والشموخ. ناضل كثيراً وراهن كثيراً على أشياء يرى أنها تستحق كل ما يبذله في مسيرته الكفاحية, كيف لا وهو من أسرة عريقة ذات سيادة متميزة في اليمامة . كان له إرث سياسي واجتماعي مهم . وإرث نضالي عصي على التيارات والأمواج التي حاولت قذفه على ساحل الشعوبية الراكدة والتبعية القاتلة.

للمزيد راجع كتاب ” أمير الرياض دهام بن دواس ” من تأليفي عام 1433هـ

الفارس : سلطان بن حلبيد. وبعض أخبار جماعته “الذواودة”

سلطان بن هندي بن حلبيد من الذواودة من المقالدة من الجبلان ” أخو طفلة ” “خيال العليا ”.
والجبلان ينقسمون إلى:
1/ الاد حسن وهم : القعيمات العراقبة الأعنة .
2/ المقالدة وهم : اليحيا والقشعان.

وقد ورد اسم الأخوين مقلد وحسن في كتاب ” عمدة المطالب في نسب آل طالب” كما ورد ذكر اسم محمد الجبلي . وقيل لي إن في شجرة الأشراف بطن يقال له الجبلان وأن الأشراف يعتبرون الجبلان منهم. ولم أطلع عليه بعد.
وذكر حمد الجاسر قصة إهداء شريف مكة ليحيى بن مقلد الجبلي فرسا من الكحيلات. ويبدو والله أعلم أن ذلك في القرن الثامن الهجري. وهذا النسب يحتاج مزيدا من البحث للتأكد منه مستقبلا والله أعلم بالصواب.

عاش سلطان بن حلبيد يتيماً في بيت الشيخ خميس بن منيخر أمير آل سفران من العجمان , وذات مرة أتاهم غزو في غياب الشيخ وأكثر جماعته, وأخذوا إبلا لآل سفران , ولحق بهم بعض فرسانهم ولم يستطيعوا ردها. فقام سلطان وامتطى فرسا لابن منيخر وأخذ أحد رماحه, فاعترضته زوجة ابن منيخر, خشية عليه لصغر سنه, وعلى الفرس, لكنه أصر على موقفه , ثم لحق بهم واستطاع استرداد الإبل بعد أن قتل بعضهم, فشاع ذكره واشتدت فروسيته وشجاعته بعد ذلك, وزات حشمته ومكانته عند ابن منيخر, ومن قوة العلاقة بينهم أنه كان يسم إبله بوسمهم ” الريشة”وتأثر بلهجتهم.

وبعد مدة رجع سلطان إلى جماعته , واشتهر بقيادة بعض الغزاة ويشارك بفاعلية مع قبيلته , ومن ذلك أنه يكون في مقدمة الجيش بمسافة وخلفه يكون رجلين من جماعته وخلفهما رجلين آخرين ثم الجيش , ثم لما يريد منهم شيئاً يرفع صوته فيردده الذين خلفه وهكذا حتى يصل إلى الجيش الذي يسير خلفهم . ولكثرة غزواته شمال الجزيرة أصبح يعرف كثيرا من تلك المواقع, ومنها أنه ذات مرة كسرت رجله في إحدى غزواته , فنزل على جماعة من شمر, عند رجل اسمه “بردي” وقام بمعالجته حتى شفي, وعاد إلى جماعته ومن وفائه له قام بتسمية أحد أبنائه عليه ” بردي”
تزوج سلطان ” إمرأة من الجبلان معها ولد اسمه ناصر البدين , لم يبلغ الرشد وتعلم ناصر على يد سلطان الدلالة وكافة طريقة التعايش مع تلك الظروف , ومنها الغزو , حيث شارك معه في غارات على الظفير وشمر وعنزة. حتى أصبح ناصر رجلا شجاعا بارزا.

سافر سلطان إلى حائل وقضى سبعة أيام في رحلته . واستولى على عدد من الإبل كعادة البادية تلك الأيام, ومن كثرة الغزوات أصبح لرفيقه ناصر عدد كبيرا من الإبل. وبعد ذلك زاد عدد الغزاة المرافقين لسلطان نظرا لحظه وكثرة كسبه وكان لهم ما أرادوا من خلال مرافقتهم له.

ولشجاعته وشدة معرفته بالمواقع البعيدة كان سلطان بن حلبيد دليلة الشيخ صاهود بن لامي. في غزواته لصواب في العراق وغيرها من المواقع شمال الجزيرة . ودليلة الشيخ مزيد الدويش حيث رافقه سلطان في غزواته في العراق والشام . وذات مرة كان مع جماعته في غزوة فأدركهم العطش وسقط بعضهم مغشياً عليه فما كان من سلطان إلل أن دلهم على موقع” دحل” يعرفه سابقاً فشرب منه رفاقه فكانت نجاتهم على يديه بعد الله.

وفي سلطان بن حلبيد , يقول صويان الجدعي من الموهة :

ونتي ونة من الهجن مكدودة

فاتها المرباع واخطت من الصيفي

تلها اللي حط للهجن بارودة

مثل ابن حلبيد صبر المواجيفي

عقب ماهي شاحمٍ علّق شنوده

قال حفيانه وابا ارجع مع السيفي

و في معركة “جو لبن” عام 1321هـ كان سلطان مع الملك عبدالعزيز . وطلب منه الملك أن يدله على أماكن تواجد مطير. فاشترط سلطان أن ينذر أهله . وأخذ عليه الملك عهدا بألا يخبر غيرهم . فانطلق سلطان وأخبر أهله وسرى الخبر لخاصته “ذوي حلبيد ” ثم انتشر العلم للدويش ومن معه من مطير .

* توفي سلطان بن حلبيد , و غاطي بن فالح بن حلبيد . في أم رضمة عام 1348هـ مع عزيز الدويش.

ومن آل حلبيد الشاعر : محمد بن فريثان بن جندل بن تركي بن حلبيد رحمه الله. ومن شعره :

ياعيون اللي على الكف اقنصوا به

أشقرٍ عقب التوحّش مستهــدّي

صاد قبل الظهر عشرٍ و انكسوا به

من ثاندي برق الارياش متغـدّي

صاحبي لامن مشى ثم جر ثوبه

تل باق الروح والحال مـتردّي

و لمحمد بن فريثان, هذه الأبيات الغزلية :

من تولـع بالغنادير يالـطـرقي ـ واشتقى في حب خدرات الاعياني

بو ثمان لاعراضٍ ولافـرقـــي ـ بالــوصايف كنهــن حـب رماني

من بغى درب الهوى ياخذه سـرقي ـ لا يعلم به حسـودٍ وقومــاني

كن خـد صويحبي نايــض البرقي ـ مـــن حقوقه مـاه راكـد بودّاني

المشقّى جـاوب الـذيب والـورقي ـ جـاوبه بالليـل بعــواه سرحـاني

مــن شمـال اليــا جنوب اليا شرقي ـ غيرها زين الــغنادير ما اشقـاني

وله قصيدة يسندها للشاعر محمد الخس:

انا بذكر الله وتعوذ من الشيـطان

وانا بذكر اللي في سوا القاع مشاني

انا باغٍ اركب فوق ولـد الخطل سمران

قعودي هميم ويقطع الدو من شاني

قعودي هميم ويسبق الطير ابو جنحان

وليا جيت أبومي بالعصا فز مايداني

انا اول عنايه يوم شدو من المقطـان

الا واعذابي من تفاريق الاضعاني

تنازا بهم شهب الغــوارب مــع الريعـان

تناحت بهم يتلون من يحتمِ الوانــي

اهل سربةٍ نمرا تقافت لابن شبلان

تبع شيخنا اللي فزّ بالضيقات كوبانـي (1)

انا صابني ما صوّب الخس ودبيـّان (2)

صواب الوليف اللي عن الناس عزّانـي

صوابـــه خفيٍ بين الاضلاع ماينبـان

خفيٍّ صواب صويحبي خدر الاعيانـي

وقف سلم خلـي ما تجينابه الطرشان

وانا اقفيت عن غـض النواهيد ماجاني

عشيـري عطاني غايـة الحب والوكدان

وانا حالفٍ ما انساه يا كود ينساني

* ويطلق على والده فريثان بن جندل بن تركي بن حلبيد اسم موقع قريب من الأرطاوية. وفي الصمان ” جو” يقال له ” جو كهف توفي فيه كهف بن سلطان بن حلبيد.

وجميع ذوي حلبيد الأولين أدلّاء للطرق , الواحد منهم يطلق عليه ” دليلة ” حيث يشتهرون بمعرفة الأماكن والموارد البعيدة وحتى التي ليست من مناطقهم في الليل . و كان سلطان يعرف المواقع بطريقة مسك التراب في يده . ومنهم : محمد بن فريثان , و غاطي بن فريثان , و فلاح بن كهف , وفالح بن كهف ” فاسان ” حيث كان مشهور بضرب رأس خصمه في المعركة و غاطي بن فالح بن كهف. والشاعر ضيدان بن مقبل بن تركي الملقب بالمويليف.

وحالياً يسكن في الأرطاوية أبناء محمد بن فريثان بن حلبيد, وفي الزلفي أبناء غاطي بن فريثان وفي المجمعة أبناء غلاب بن فريثان وفي المجمعة أبناء بردي بن سلطان بن حلبيد وفي هجرة الحيرا . وفي الكويت أبناء شنيف بن فلاح بن حلبيد وأبناء راشد بن فلاح بن حلبيد.

ومن فرسان الذواودة : الفارس سليمان بن دبداب ” وهو عقيد الذواودة من المقالدة. يُعرف بـ ” أبو ريشة” , و يملك من الإبل سبعة أذواد , أشهرهن الإبل المعروفة بـ ” النعامه” ـ مجاهيم ـ و قد ورثها عنه أبناءه من بعده وكان عددهم سبعة . فأصبح لكل واحدٍ منهم ذوداً خاصة به من الإبل المذكورة . ويذكر أنه جاء رجل من قبيلة سبيع لفيصل الدويش , يبحث عن ناقة له واستأذن في البحث عنها عند مطير , فإذن له الدويش وقال : إذا وجدتها أبلغني أردها لك . بحث الرجل السبيعي عن ناقته ووجدها مع إبل سليمان بن دبداب , فنزل ضيفاً عنده . ولم يخبره بطلبه , وذلك حينما رآه رجلاً طويلاً عريض المنكبين ولاحظ علامة الشجاعة والقوة فيه , إعتقد أنه لن يرد له ناقته إذا أخبره بطلبه فسكت ولم يخبره , ثم عاد إلى الدويش . فسأله الدويش عنها فقال : وجدتها عند راعيها , فقال الدويش مستغرباً : راعيها ؟ من هو الذي وجدتها عنده ؟ فذكر له الرجل صفات سليمان , فعرفه الدويش وقال : إي والله راعيها هذا سليمان ما يقدر عليه إلا ربه. و من عادة العرب أنهم في مثل هذه الحالة يقوم الشيخ بدفع ما يقابلها من مبلغ أو ناقة تشابهها أو أطيب منها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كوبان الرجل الضعيف . حيث كان الممدوح “ابن شبلان” يهتم بأمر جماعته في المعركة ويساند من يضعف منهم ويفز له ويقف معه حتى ينجو من العدو .
(2) دبيّان : من شعراء سبيع.

وقد أجرى الأخ سعود الديحاني لقاء في جريدة الرأي الكويتية مع فيحان بن فلاح بن كهف بن حلبيد . على هذا الرابط http://www.alraimedia.com/Alrai/Article.aspx?id=8711 هذا نصه :

كانت حياة الماضي جميلة ببساطتها حلوة بقلة تكاليفها كويت ماضي جرت عليها متغيرات فاختفت كثير من المعالم الطبيعية التي ادركها الآباء من كبار السن والاجداد يحدثنا فيحان بن حلبيد عن أرض الكويت والنباتات التي شاهدها بها وقلبان المياه التي كانت متوافرة في منطقة الشامية والتجار الذين كانوا يتعاملون معهم في البيع والشراء وكما يحدثنا ايضاً عن البطاقة التموينية التي كانت تصرفها الحكومة في ذلك الوقت أحاديث متنوعة وشيقة نقضيها مع فيحان بن حلبيد يتخللها الحديث عن وظيفته الحكومية متى كانت ماهي طبيعتها وكم كان الراتب الذي يقتضيه حين التحاقه بها فلنترك له ذلك:

كانت منطقة الشامية هي مناخ أهل البادية حين ذهابهم للكويت وخروجهم منها نحن كنا بها بالقرب من دروازة ابن رجعان حتى انني اذكر محل صفاة الغنم وهي بجوار الدروازة عند مجلس الأمة القديم الذي هو محل البلدية اليوم وكانت الشامية مليئة بالقلبان المياه والأكوات وبعض القلبان عليها طي أما بطاقتنا التموينية التي صرفت لنا ابان الحرب العالمية الثانية فهي عبارة مواد غذائية سكر وعيش وقد ذهب أخي وصرفها لنا من ابن رجيب أما تاجرنا الذي كنا نتعامل معه يوم كنا في البادية فهو بجاد الشامي ابوفارس من جماعتنا الجبلان من العراقبة وقد باع دكانه الى أحمد الجارالله والد الوزير السابق محمد الجارالله وصار مقرنا تعاملنا بالشراء محل الجارالله حسن الجارالله وأحمد الجارالله ويوسف الجارالله فهم صاروا بعد ذلك عملاءنا في البيع والشراء وكانت بادية الكويت تمتد الى الشعيب والدبدبة وعند المقيض كنا نفيض على الجهراء والشعيب والشدادية وامغرة وكان بالكويت عدود مياه كثيرة جليب العارضي وكذلك جليب الشفيحي وهو اعذبهم ماء كانت أهل السيارات التي تنطلق من طريق الرياضية عندما تحاذي جليب الشقيحي تقف ثم ينزلون قائدوا السيارات يملئون قربهم يتزودون بالماء ثم يواصلون مسيرهم الى جرية الكويت كان بها مياه كثيرة الجهراء بها السليل وجرثامة وأمغرة كان بها ماء زين والبوادي تنزل عليها وكانت الناس تشرب الماء الذي به ملوحة هو ما يطلق عليه هماج الجرثامة كانت هماجاً رغم ذلك تشربها الناس والبعض ينزل على ثميله الدغمى وكانت الصبيحة أيضاً تنزل عليها الناس وهناك ايضاً ثميلة الفقم قريبة من الصبيحة ايضاً بها ماء ومرات ننزل على الشعيبة وكانت ابل صباح الناصر تقيض عليها ومنطقة عريفجان ايضاً بها عدود مياه تشرب منها أهل البادية.

الأرض
لقد كان الراجل الذي يمشي على رجليه لا يستطيع المشي في البر من كثرة العرفج وخيرات الأرض من انواع الأعشاب، الابل كان اذا دخلت منطقة كبد لا ترى من كبر شجر العرفج والسيارة لا تدخل حيث انها لا تستطيع السير بهامن كثرة الاشجار والاعشاب.

الصيف
اذا اقبل شهر ستة سقط المطر فنبت بشجر البر حتى الصفرى وهذا الشجر البري هو العرفج والثمام والنصي والرمث.

الشق
منطقة الشق كانت مليئة بالظباء جمايل حتى منطقة القرعة اذا دخلتها كأن الظباء غنم بيضاء من كثرتها مجموعات كثيرة العدد من شاهدها ظن انها غنم بيضاء وهي جمايل «مجموعات» الظباء.. وكانت الاسلحة قليلة في ذلك الوقت.

الربيع
كان أهل البادية «البدو» مرة مشملين ومرة أخرى حادرين يتبعون الريف والربيع ونبات الربيع العشب والصمعاء والقليقان والخزما من كل شيء والصيف الحماط والحمض. ولابد من الحمض للابل حيث قيل لأحدهم بما شهد قال اشهد الابل من الحمض والحمض منها قيل له تشهد أيضاً قال: أشهد ان النصي عقال الابل ليلة الصدر. والصدر اذا صدر اليوم ثم امرحت قالوا هذه ليلة الصدر أما اذا اخذت نهارا آخر في مغبة واذا أخذت يوماً ثالثاً قيل انها مربعة فهي تعطي ربع هذا في الصيف أما في البراد فهي تعطي خمس وسدس والى عشرة أيام.

الجدري
لقد ادركت الجدري الاسود الذي جاء البوادي كان أهل البيت الواحد يذهبون جميعاً ضحية ذلك المرض حتى ان البعض يتركه أهله لا حي ولا ميت الكل كان يهرب من المصاب بالمرض… جاءنا ذات يوم نحن في الشتاء القارس رجل به ذلك المرض الجدري وكلما جاء أحد من العربان طردوه مخافة العدوى ان تنتقل لهم لقد كان ذلك الرجل بموقف وحاله صعبة للغاية البرد الشديد المرض المعدي اقبل علينا وقال بصوت عال يا أهل البيت ضعوا لي حظيرة واشعلوا لي النار انني رجل بي مرض الجدري ولا أريد ان اقترب اليكم فقامت والدتي رحمها الله وقالت أقرب جاي قال: لا أريد ان انقل العدوى لكم ولم يكن هذا المــــرض قد أصاب اخوتي باستثنـــاء انا ووالدتــــي فلقد اصبـــــنا بذلك المرض رغم ذلك قالت والدتي لذلك الضــــيف المصاب بمرض الجدري اقرب الى بيتـــــنا ثم دخل في رفة البـــــيت مكان الرجال والضيــــــوف وقد اشعلنا له ناراً ثم اتت والدتي بلــــبن وقد كان ذلك وقت العصر والضيف قد ارهقه التعب واعياه المرض والجوع شرب اللبن وعندما جاء وقت العشاء قدمنا له عشاء ووضعنا به فلفلاً حار وقد اكثرناه فيه حيث ان مرض الجدري يضعفه الفلفل الحار ويخرجه من الجلد وبعدما تناول وجبة العشاء وضعنا له فراشاً وعندما اقبلت الابل قام اخي واحتلب احدى النوق وأتى بحليبها فسخنته والدتي حتى غلي «فاح» ثم وضعت به ذلك الفلفل الحار وأعطيته الضيف المجدور غبوقاً له فشرب وعند الصباح كذلك أعطيناه مثل ليلته بالأمس فلما شعر بالعافية وانه برئ قال بصوت مرتفع «الله يوسع عليكم، الله يوسع عليكم، الله يوسع عليكم أنا كلما جئت أحداً طردت لأنني بي مرض الجدري الا انتم استقبلتموني وأكرمتموني وعالجتموني قالت له: والدتي «امش مع المجدور ولا لك إلا مقدور». والله لم يصبنا شيئاً لقد قام ذلك الرجل معافى من مرضه.

نوعان
مرض الجدري الذي كان يصيب الناس نوعان هنـدري وهو جراح خفيفة وسليـماني جراحـــه متفرقة وهذا الرجل المصاب بالجدري كان به نوع سليماني فتشافى منه.

الإصابة
أنا أصبت بمرض وأنا في سن الرضاعة انا ووالدتي ولقد شافنا الله عز وجل من ذلك المرض.

السلاق
نحن أهل بعارين صفر ومغاتير والمجاهيم فيها قليلة ومن اسمائها العليا والرمانة والبويضا وسنة السلاق الذين عم بلاءه وأكثر ما وقع على منطقة الدبدبة والصمان والشمال من جانب كريم وجنوب وادي العجمان وانتشر هذا الوباء فأهلك حلال أهل البادية اتى سنة ثم انقطع في السنة التي تليها ثم عاد في السنة الثالثة كما سقطت الأمطار ارتفع من وجه الأرض ثم عاد من جديد وسببه يعود الى الشركات التي استخدمت الطيران برش المبيدات للقضاء على الجراد والدباء فأثرت ذلك على الابل وحلال الناس فأهلكها.

الصعفق
صعفق التوم كان له جليب ماءها زين وعليه طي وهو ساكن عندها فهو الذي حفرها وموقعها في موقع سوق الجمعة اليوم وجميع الأرض المحاطة بها له، وقد أدركت أنا ذلك الجليب.

الأحمدي
كنت أعمل في الأحمدي مع الخويا وذلك عام 1956 وعملي المناط بي هو حرس حقول النفط وقد صار تسجيلي بها عام ثورة العين وهي عين نفطية انفجرت فاشتعلت النيران بها واستمرت أكثر من ثلاثة شهور وقد قامت باطفائها شركة متخصصة وعملت في حراسة الحقول النفطية وكان تسجيلي بها عن طريق فيصل الدويش ابوفلاح ونحن حراس تلك الحقول «نقالة سلاح» وقد صرف لي راتب شهري قدره 350 روبية وكنا بعض الوقت نتناوب مع قواتنا قوة حرس الحدود للاستلام في منطقة الوفرة محاذين المركز السعودي ونتناوب كذلك في منطقة الروضتين وكانت هناك قوة تابعة لنا ترافق الجيولوجيين الذين يقومون بمســـح الأرض في الحمطيــات والشعـــيب والابرق والدبدبة فتذهـــــب هــــذه القوة معـــــه شهراً كاملاً ومقرهم مركز أم رجم ثم بعد ذلك صرنا تبع صاحب السمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد فهو كان على الامن العام بالأحمدي. وعندما انتقل الشيخ جابر رحمه الله الى وزارة المالية استلمت الشرطة حراسة الحقول النفطية وذهبنا نحن في قصر نايف لنا مركز هناك ونتبع صاحب السمو رحمه الله. فلقد اعطى أوامر اننا لا ننتقل الى الشرطة حيث امر ان يكون لنا مركز في قصر نايف والسلاح معنا فالداخلية لم تأخذه، وصارت هذه القوة مع سمو الأمير طيب الله ثراه وانا ظللت بها حتى حين تقاعدي 1975.
كنا في بعض المرات ونحن في قصر نايف تذهب منا مجموعة لقصر الرياح المحاذية للبحر بعد منطقة الشعيبة حيث كان سمو الأمير الراحل يخرج اليه آخر الاسبوع يوم الأربعاء والخدم والعاملون يأتون يوم الثلاثاء قبل مجيئه اما نحن فكنا قوة حراسة ولنا خيمة نكون بها.
كان سمو الأمير متواضعاً جداً ذا اخلاق عالية فقد رأينا بالفعل ولمسنا هذا الشيء عندما كنا نجلس معه واذا جاء وقت الصلاة صلى بنا اماماً فرحمه الله واسكنه فسيح جناته.

سيارة
أول سيارة اشتريناها كانت قيمتها 2000 روبية أقساط واشتريناها من محمد الصعيد وأما السيارة الثانية اشتريناها من شايع ابوشيبة ابوصياح بقيمة 9000 روبية وكنا نستخدمها لقضاء حوائجنا.

العدولة
كان هناك رجل نزل في أحد دحول الماء واضاع طريقه في اثناء العودة فعلم اخوه بما حل به وذهب يبحث عنه بعد اسبوعين حيث جاء الى الدحل وأخذ ناقة فذبحها وقام بسلخها ثم جعل وبرها «قد» والقد هو تقطيع جلد البعير قطع طولية مثل السلك ثم أخذ خاماً وغمسه في ودك شحم وأشعله بالنار بعدما برم ذلك الخام فأشعلها واخذ معه قطع كثيرة كلما طفأت قطعه اشعل الاخرى ونزل في ذلك الدحل وأخذ يمشي على اثر اخيه حيث رأى آثار أقدامه في وادي تحت الأرض كله رمل لقد امسك حين نزوله بذلك القد الذي هو عبارة عن أسلاك وحبال برمها حتى لا يضيع طريق عودته وبعد ذلك وجد أخيه جالساً فأخذه وأخرجه من ذلك الدحل الكبير والطويل يقول ذلك الأخ انه جلس أياماً كلما جاع اتاه لبن ناقة في ليله ونهاره وكلما جاع شرب من ذلك اللبن وقبل العثور عليه بيوم او يومين انقطع عنه ذلك اللبن حيث كان له ناقة جعلها منيحة «عدوله» لناس يحتلبونها وعندما أخذت انقطع ذلك اللبن عنه.

التعلم
أنا الحمد لله ختمت القرآن وتعلمت القراءة فراسة من تلقاء نفسي أما قيادة السيارة فهي فراسة أيضاً حتى انني اذكر قلت لواحد من الجماعة وهو سعود ابن رشدان اجعل وجه سيارتي تجاه البر فأنا التقيت معه عند دوار الأحمدي باتجاه واره فقام وجعل اتجاه السيارة التي أنا عليها مقابل البر جهة ومكان أهلي وهم في نقرة الصيد في الدبدبة وكان معي أخي فانطلقت وكلما اعترض لي سكة قطعتها وهكذا أمشي أمامي فوق اي ارض اعترضتني حتى وصلت الى اهلي وكانت السيارة التي أقودها ستة غيارات واليوم الذي عقب مجيئي إلى أهلي كان أفضل من الأمس وكلما مر يوم كان افضل من الذي سبقه حتى اصبح سائقاً ولم يكن الامر هكذا فقط بل اصبح اصلح اي عطل في سيارة افكك محل العطل واقوم بإصلاحه او استبداله أما عندما اردت ان احصل على رخصة قيادة فكان لابد من اجراء اختبار قيادة وكان محله عند السكة التي بالقرب من الصوابر وكان على ذلك الاختبار عبدالعزيز الشملان والسكة التي يختبر الفاحص بها كانت متعرجة وضيقة وكنا نحن الذين نريد ان نختبر عددها كثر فلم يأتي الدور الا وقت العصر وكلما تقدم واحد منا ورأى الفاحص ادارة لمحرك القيادة انزله وقال له راسب حتى جاءني الدور وكانت السيارة التي يجري عليها الفاحص لوري ستة غيار مثل سيارتي التي اشتريتها من شابع أبوشيبة فأنا متعود عليها ومتمكن منها فأجدت الاختبار ونجحت فيه.

الدسم
حسين الدسم أبوحسن شاعر وعنده الكرم الواجد والعلوم الغانمة.

العسكر
عسكر العسكر من نواخذة البحر كان ابنه خالد وهو أكبر من فالح يشهد للجنسية اذا جاءت شهادته لا أحد يستطيع أن يتكلم حتى رئيس اللجنة.

الزواج
تزوجت سنة 1956 وعقد قراني كان عند الشيخ عبدالله العثمان فهو الذي وثق عقد قراني وكان محله عند الدروازة ولم يكن عند البدو من ذلك الوقت مهر كثير «مفاتيل وحاشى» وليس هناك عواني والحمد الله عندي أولاد من بنين وبنات وهم متزوجون ومتوظفون متعلمون وأحدهم يدرس بالخارج.

• السلاق مرض
كان يهلك
الإبل

• الإبل التي عندنا مغاتير وصفر
وشعل

• من أسماء إبلنا
الرمانة والعلياء
والبويضاء

الفارس حامد أبو خشيم

حامد بن صقر بن شلاش بن صادر « التوم», راع البويضاء، «أخو صقرة»، من فرسان وعقداء المجالدة من الشطّر من الصعبة من بني عبدالله. اشتهر بالشجاعة والفروسية وكثرة الغزوات والشعر .

** وعندما كان متجهاً هو وبعض جماعته من أجل حل نزاع داخلي قال متمنياً لو أن هذا الجيش متجهاً لخوض معركة:

أمسيت قلبي داخل فيه هاجوس

أبا نسدح والنوم عيّا يجيني

من جيشنا اللي في مجاريد مدهوس(1)

غادي نحايف والعرب مرْبعيني(2)

يا زين هرجتنا عليهنه جلوس

وهنه تحتنا مثل وقد الغشيني(3)

وليا بدينا قدمهن راس طعموس

وليا انهم فالروض ومقيليني

غرنا عليهم وانتهض كل ناعوس

واوحى الصياح وجوك متجاذبيني

وتحاولوا من دونهن بام نادوس

والكل يبغى طرحة الأوليني

نقطع عليهم مثل ما يقطع الموس
الله خابر والجنَب خابريني

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجل من الشطر.
(2) في راحة واستقرار
(3) وقد الغشيني أي: المطر .

** ومن حدائه في بعض معاركه ما دار بينه وبين المحينيش من الروقة من عتيبة عندما انهزم قوم المحينيش فقال مخاطبا حامد أبو خشيم ” التوم” :

يا التوم نفّه للجمل لا تحدّه

أمن بعهد الله وكب المحينيش

ورزق يبي يبدي لكم ما نرده

والله رزّاق الطيور الدراويش

فقال حامد :

نخاف من علمٍ علينا ترده

بكرة ليا كثرت علينا الطراريش

سعرٍ نجازي به وسعرٍ نمده

اسعاركم يالاد روق المداغيش

** مكث الفارس معلث بن هدي الحربي أخو الفارس عليثة مدة في أحد بيوت المجالدة من الشطر وكانوا يقومون بعلاجه ورعايته في بيت قريفان بن فرس بعد ما كسر في وقعة مع المجالدة . وكان أخوه عليثة يزوره من وقت لآخر وفي إحدى زياراته قال في إبله قصيدة يتمنى أنها ترعى في وسط نجد في ديار حرب وأن وضع أخيه هو الذي أجبره أن يكون قريبا منه في عالية نجد على مورد العمق المشهور ومطلعها:

لولا معلّث كان للعد ما جنّ

يرعنّ من جدعا ليا اقصى النفودي

وإبل معلث لونها حمر, وبعد أن شُفي الفارس معلث عاد إلى ديار قبيلته , ثم بعد مدة قاد العقيد طالع الأحيمر الشاطري غزية إلى جهة ديار قوم عليثة وهدفها أخذ إبله الحمر التي كان يرد به على العمق عندما كان أخوه معلث كسيرا لدى المجالدة , و لكن طالع الأحيمر قتل فيها .فقال أحد شعراء حرب قصيدة منها :

الأحيمر طاح فالرجع الموالي

الأحيمر طاح غاشيته دميّه

وبعدها قام ركب من الشطّر لأخذ الثأر من عليثة بن هدي الحربي, ومنهم: حامد أبو خشيم، وعيّاد بن دبيسان وصعيقر ابن شديد، وفهد الباجم, وغيرهم . وبعد أن تمكنوا من قتل عليثه وقلعوا حصانه الأدهم فقال حامد :

سداد طالع شوق منسوع الجديل ـ يازين مخلاص العميل من اعملاه

** وذات مرة خيّم الشريف عبدالله بن الحسين على «غراب» ـ موقع في أسفل وادي الشعبة شمال غرب مهد الذهب في منطقة المدينة المنورة ـ وقد سبق أن منع الشريف كل من يقوم بالاستعراض أن يعتزي بقبيلته، لكن حامد عندما قام بدور الاستعراض أخذ يردد عزوته قائلاً وهو على الأدهم: خيّال البويضاء حامد خيّال البويضاء وانا ابن شاطر لا تارك عزوتي ولا ناسيها .

وقال حاديا وهو على الحصان ” الأدهم ” :

لابد الأدهم داخل ٍفالخيل

امّا يجي والا يروح

لعيون من دق الثمر والهيل

اللي عن الخايب طموح

** وفي وقعة بين قومه وبين السحمان من حرب قال حامد حادياً :

انا رعيــت بصــلــب جــــــدي ـــ ما منهم اللي من بعيد

وبايمانّا اللي فعلهن كد عدي ــ الهند صافية الحديد

** وعندما أصيب حامد أبو خشيم في معركة مع إحدى قبائل الشمال قال :

البارحة نومي مغار بتخافيق

من واهج بالقلب يابو عطية (4)

وابندقي يا ناقلين التفافيق

في وجه ابن … راع العنية

وابندقي راحت بعهد ومواثيق

علم ثبات وكل عدّه عليه

يا ليت صالح(5) باول الجيش ماعيق

وانا من العثبور (6) سلمت يديّه

والله لنحمى ضامرات السماحيق

يوم الردي تصبح علومه ردية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(4) عزام بن هداية بن عطية بن معتاد من الشطر.
(5) العقيد والفارس صالح بن نغيمش من العلاثين من الشطر
(6) إصابة في يده

** قٌتل حامد أبو خشيم وسعدون أبو خشيم في جبال أظلم جنوب غرب العمق , عام 1342هـ تقريباً, بعد غارات بيارق بعض القبائل التي شاركت في معارك تأسيس الدولة السعودية. وكان حامد ومن معه قد صدوا تلك الغارة وقتلوا بعض رجالها في معركة شرسة , وبعد ذلك صعدا جبال أظلم للراحة بعد المعركة ثم ناما وكانا قد أمرا رجلا من جماعتهما بحراستهما من جهة القوم. لكنه ظن أنهم قد انكسروا , فغفل عن حراستهما , فتسلل بعض رماة الغزاة عليهما بقصد أخذ الثأر بمن قد قتل منهم . فتمكنوا من قتل حامد وسعدون . وفي ذلك تقول مطيعة بنت دبيسان الشاطري :

يا ضلع ما عيّنت حامد وسعدون

يوم البكار الحمر فيك ادغرنّي

الشاعر مرضي بن قيصان

مرضي بن قيصان من المشاريف من الصعبة من بني عبدالله من مطير, ولد عام 1260هـ تقريباً, اتصف بالكرم والشجاعة والحكمة ومكارم الأخلاق, وقوة المفردة الشعرية وجزالتها . من أعيان قبيلته وشجعانهم ورماتهم المشهورين . له أبناء شعراء منهم : خالد و هلاّل .

خطب مرضي بن قيصان , وسمية بنت سلّيم بن عواد الشاطري ويبدو أن أهلها وافقوا في البداية , لكن بعض أبناء عمومتها اعترض على ذلك الزواج , وكثرت التدخلات وتناقش القوم وتناجوا في موضوع زواجه وحاولوا منعه حتى تم ذلك. فقال قصيدة جميلة تحكي حالته النفسية ووضعه بعدها ثم عرّج على وصف خطيبته بأزكى وألطف العبارات وأثنى عليها خيراً , يقول :

ياملّ قلبٍ بيـن الأضـلاع ماجي
كما يموج الحبل مـن فـوق درّاج

موجة حبالٍ فوق شيـب الجواجـي
على محال له مع الصبـح لجـلاج

من عوهج للجـم فيـه ارتهاجـي
والحيل خلنـه علـى الطيـة ادلاج

لولاه ما بيـن الضلـوع اللواجـي
يمديه عني راح من صوب منهـاج

عليك ياللي مثل ضـوء السراجـي
كنه هديب الشام مع باشـة الحـاج

أبو قرون فـوق صـدره فلاجـي
وذرعان لا عريا ولا هنّـه اعباج

ومحاجرٍ للمـوت فيهـا اعتلاجـي
معه مزاريق الهوى تسرج اسـراج

ويـا ونتـي ونيتها بالتجاجـي
لجلاج ذيب وأول الصبـح منبـاج

كد عدّته سحم الضوار السواجي
يقنب وجاري له من الجوع سوهاج

ظميان ما ذاق الـروى والبَهَاجـي
حفيان من لحّ المساري والادمـاج

عليك يا عٌودٍ عـن النقـد حاجـي
ما داخله نقدٍ يعقّـب لـه اسمـاج

سلّمت فالمجمـول مـالٍ كماجـي
وارخصت فيها شمّخ القود الامراج

يا مشخصٍ محفوظ في حق عاجي
ما اوحيت فيه من النجانيج نجناج

عيّا يجي من جوف سوق الحراجي
من دونه البيبان مـا بينهـا افـلاج

تعرضوني دونهـا اهـل المناجـي
والكل منهم جاب حيلة ومـدراج

وامسيت يضربني حكك بالتجاجـي
مفلس ويضربني عن الدرب عسواج

ومن حاجته عند البخيليـن تاجـي
ما له عن الطقة والافلاس مخـراج

ترجمة للفارس / عيد بن هادي

عيد ابن هادي من التناضبة من العصاعصة من الشطّر من الصعبة من بني عبدالله من مطير. ” أخو عيدة ” عقيد و فارس من أشهر فرسان الصعبة. اشتهر بالشجاعة وقوة الشكيمة والتميّز في الشخصية النادرة , والحكمة والحنكة وجودة الشعر وقوته مع ندرته.
قاد عيد مجموعة من قبيلته من وسط نجد حتى دخلوا حدود قبيلة شمر شمالا , وبعد مناوشات يسيرة استطاعوا الحصول على بعض إبلهم . فلحق بهم الشيخ ابن عجل أحد شيوخ فخذ السنان من الفضيل من اليحيا من عبده ومعه جماعته واستطاع استرداد إبلهم ولما أدرك عيد وجماعته أن الأمر قد يطولهم تركوا الإبل , ولكن ابن عجل استمر يطاردهم وعند ذلك قام عيد برميه فقتله فقال عيد:

يالله يالله يا اللي تدفع الاجلي استر علينا وزمّلنا ركايبنا

لاعدت يا واحدٍ قبل امس جا عجلي على الركايب وفوق الخيل مطلبنا

جانا يقول ارجعوا في وجه ابن عجلي ما كبّنا يوم كبينا وهايبنا

يا شوف عيني بدمه يوم يندجلي من دون حمرٍ تودينا حبايبنا

ليتك معي راكبٍ يا لابس الحجلي وتشوف بالعين طيّبنا وخيّبنا

كم واحدٍ عند اهلنا نحسبه رجلي وليا غزينا نعدّه من مزاهبنا

ومن شعره متذكراً ما مضى له من غزوات:

ياما رقت رجليّ من راس وارة

وياما نحينا من مصاليب الاكوار

ولا ناخذ الا كل عفراً نوارة

وملحاً ليا جات المخاضير مشكار

والمشعل الخافي نبيّن شعاره

لا هبّت النكبا ونُوّه على الجار

خيارنا نخليه ياخذ خياره

واللاش والله ما نخلّيه يختار

وقال معاتبا بعض من يدّعي الشجاعة :

ما نته كفو نطح الأمير

يا وجه نبّاح المراح

ياوجه نسرٍ مستدير

شاف الحوالة ثم لاح

وش انت خابر فالجرير

يومنّهم جونا صباح

عويّشة جت بالبعير

وابوك عنهم وين راح

وأما مما يدل على شهامته وكرمه وقوة شخصيته , فقد كان عيد بن هادي غازياً جهة عتيبة, وفي طريقه صادف الهمرقي المقاطي على جمل للصعبة من بني عبدالله, فأوقفه ليتحقق من وضعه, ولكي يمنعه من الإنفلات خشية أن ينذر جماعته وقال:

يا لهمرقي وان الله اللي قرنّا // انته يمن وانا لفيتك من الشام

حنّا على هجنٍ بعيد المطنّا // وانته على هرشٍ يهوزم تهوزام

فقال الهمرقي:

يا عيد وان جزتوا لناعن جملنا // والله لابيض جوف لمات الاسلام

مستطلقه يوم النجوم اكهبنّا // يوم الصبايا البيض يرمن الاهدام

فقال عيد :

وش عذرنا بكرة ليا جينا اهلنا // وحنا منول كان غالين وحشام

اليا وصلنا اللي جعوده تثنّا // الجادل اللي تردع الخد بوشام

فرد الهمرقي :

ما هو بعير اللي جعوده تثنّا // بعير من يطوي على وسطه ابرام

اللي عشيره كل ماقام ونّا // كلبه عقور ومنزله عسر وقعام

فقال عيد :

يالهمرقي ما هو جملكم جملنا // عليه وسم ركابنا كل ما قام

فقال الهمرقي:

لوانه انتم مثل ماهوب حنّا // لاخلّي الهرش العور يابن الاكرام

وبعد ذلك عفى عيد عن الهمرقي, وتركه يعود بالجمل.

وذاتت مرة أتى غزو من الشمال واستطاعوا أخذ بعض إبل عيد بن هادي وبعض من كان حوله من جماعته حيث لم يكن حاضرا , فعلم العقيد الفارس عبيد بن نغيمش من العلاثين من الشطر , فلحق بالغزاة واستطاع تنحيتهم عن بعض الإبل ولما وصل الخبر إلى عيد بن هادي أسرع إلى فرسه المربوطه بحديدها فأخذت تقفز بقوة يمينا ويسارا مما جعله يتأخر في مطاردة الغزاة ثم فك فرسه من رباطه و لحق بهم واستطاع هو وعبيد رد جميع الإبل. فقال عبيد بن نغيمش يذكر موقفه ولحاقه بالغزاة قبل عيد :

فكيت ذوك من رجال مداغيش ـ وانته على صفراك عيّا الحديدي
لحقتنا من فوقها كنك الديش ـ على جوادك مثل فرخ العبيدي

فقال عيد :
لحقت وصاحن ناقضات العكاريش ـ وتعاودت لعيالها بالوكيدي
هذا وانا ما جيتها غير تنويش ـ يوم الردي عنها تنزّح بعيدي

وكان الغزاة قد مروا ببعض من الشطر الذين لم يتحركوا بأي فعل لرد الإبل. مما جعل عيد يلمزهم في البيت الأخير.

الشيخ زيد المندهة

زيد بن مشخص المندهة، شيخ بني عزيز من بني عبدالله، من أشهر وأقوى شيوخ بني عبد الله في الحجاز, ذائع الصيت، قاد قومه وغيرهم في معارك عديدة شيخ يتصف بالكرم والشجاعة وحب الناس له , صاحب نجدة ونخوة ظفر بها جيرانه من قبائل بني عبدالله في وقت الشدة، وهذه عادة عُرف بها هو وجماعته.

له ولقومه موقف فعّال في وقعة هدان حتى انهزم الشريف وأخذ زيد وقومه مدفعين من مدافعه حسب ما تشير بعض الروايات.
قاد أحد الألوية في حرب ابن سعود مع الشريف وذلك عام 1341هـ وتحديداً في وقعة أبو ضباع في الحجاز.

وفي غزوة له على قوم من البقوم وأميرهم قاعد بن جرشان كان مع زيد أربعة من الشطر، ومجموعة من العضيلات وعدد كبير من جماعته وسارت الغزية حتى وصلت قرب جبل حضن المعروف ودارت المعركة وكانت من صالح زيد ومن معه فقال شاعرهم:

البارق اللي يقوده زيد
خيّل على حضن ربّانه
سيّل حضن لين سال الحيد
وخيّل على قاعد وفرسانه

ورد وصف بني عزيز بأهل الجدعا، وهي إبل قديمة وردت قصة لها عندما حدثت وقعة بين أهل حجر من مزينة وبين بني عزيز في حدود القرن العاشر الهجري وكانت بين بني عزيز وبني مزينة من حرب ومعهم الحملة التركية وبعد أن استطاع بنو عزيز السيطرة على الموقف ورد خصومهم قال شاعر من مزينة مسنداً على مصطفى قائد الحملة التركية:

يا مصطفى لاواحلالاه يا رجالنا
بعد ضللونا فالبيوت الضلايل
جونا وجيناهم وحدّونا على العضا
بدهم الفرنج وموشيات الفتايل
لا عادت الجدعا ولا عادوا اهلها
ولعل ما يطرى عزيز بن وايل

وقال العقيد راضي الأحيمر واصفاً موقف عدد منهم معه في رد إبله من الغبيات من قبيلة عتيبة :

لحقتهم يم العلم بالعسيلات
وكل سمع فعلي وأنا اخو رضية
بالاد وايل متعبين الاصيلات
كم طاح قدم نحورهم من شفية

وقال مصلح بن فرس الشاطري مبيناًشجاعة بعض منهم في إحدى المعارك :

الاد وايل حوّلوا بايمنا
وعبيدهم يا حي ذا العبدان

كان عايض الوصّي العزيزي جاراً لرجل من الغبيات من عتيبة وذات ليلة عندما كانا يتسامران في بيت الغبيوي. قال جاره الغبيوي هذه الأبيات ثم أرسل بها أحد مناديبة الذين يستطلعون خشية أن يكون بقربهم أحد من الذين يقومون بالحيافة ويذكر فيها أن إبل عايض الوصي لا يجوزلهم أخذها. ويصف لهم إبلا غيرها ليس لها عان عنده فقال الشاعر الغبيوي:

ان كان حولي من عتيبة غزية
البل لها عاني وعند الغبيات
الدرب من عندك خشيم الدحية
وتنطحوا يم الهضاب المنيفات
عليك بالخبرة تراها حرية
عزايزة والا ضعاين عضيلات

فرد عليه عايض الوصّي ويفتخر بشجاعة قومه عندما ساندوا راضي الأحيمر في استرداد إبله ومقتل شيخ الغبيات في تلك الغارة:

انتم من الخبرة عليكم جنية
جتكم من الخبرة سهوم عطيبات
كم واحد خلوه والنفس حية
يصيح ما ردوا عليه الاصيلات
خلي عشاء للضبعة الحضرمية
ويم العلم عيّنت شيخ الغبيات

وقال ثواب بن معاصب العزيزي في فخره بقبيلته قصيدة منها:

الاد وايل عزوة شانها شان
ان كان ناش القلب شي يثيره
وان جا نهار حط في العود دخان
يطفون نار المعتدي بالذخيرة
هذي مواطنهم وللدار عنوان
وان جا الحيا تنصاه في كل ديرة
في راي شيخ من مذاخير شيخان
يقدا ضعنهم فالدروب العسيرة
المندهة شيخ ليا قاد الاضعان
تمشي على دربه جموع كثيرة

نعم يعد المندهة من أكبر شيوخ بني عبدالله في الحجاز, وكثيرا ما يتبعه بعض عقداء وأفراد بني عبدالله في غزواته الكبيرة.